منذ الصغر، ارتبطت ذاكرتنا عن فوائد السبانخ بشخصية الرسوم المتحرّكة "باباي"، البحّار الذي يأكل هذا النوع من الخضار كما لو كانت مشروب طاقة أو عصيرًا حلو المذاق، فتكبر عضلاته وتصبح لديه قوة خارقة يتغلّب بها على عدوه "بلوتو"، ويُنقذ زوجته "زيتونة".
وتُعَدّ السبانخ من أكثر الخضار المورقة الخضراء تنوعًا في الاستعمالات، إذ يمكن إضافتها إلى الحساء، والاستمتاع باستخدامها في سلطة مبردة، أو قليها كطبق جانبي، وحتى خلطها مع المخبوزات.
أكثر من ذلك، تحتوي السبانخ على الفيتامينات الضرورية للحماية من الأمراض المزمنة، وتعزيز صحة الدماغ والقلب والأوعية الدموية والعين، وهو ما أكّدته الاختصاصية في التغذية جنى جردلي، في حديث سابق إلى "العربي".
ما هي فوائد السبانخ؟
استنادًا إلى ما تقدّم، يمكن الحديث عن فوائد متنوّعة للسبانخ على المستوى الصحي، فهي غنيّة بالعناصر الغذائية التي يحتاجها الجسم، وكذلك بمضادات الأكسدة، كما تحمي من الأمراض، وتدعم صحة الدماغ، وغير ذلك.
ولمزيد من التفصيل، تفنّد مجلة "هيلث" (health.com) هذه الفوائد الصحية وغيرها، لعلّها تشجّع بذلك على تناول المزيد من السبانخ، وإدخالها في نظامنا الغذائي.
غنية بالعناصر الغذائية
وفقًا لوزارة الزراعة الأميركية، توفّر ثلاثة أكواب من السبانخ الطازجة 20 سعرة حرارية، وأقل من غرام واحد من الدهون، وغرامين من البروتين، وثلاثة غرامات من الكربوهيدرات، وغرامين من الألياف.
وعلى الرغم من أن السبانخ تحتوي على القليل من السعرات الحرارية، إلا أنّها غنية بالعناصر الغذائية، حيث توفّر ثلاثة أكواب منها أكثر من 300% من متوسط القيمة اليومية لفيتامين ك، وأكثر من 160% و 40% من متوسط القيم اليومية لفيتاميني أ وج، على التوالي.
ووفقًا للمكتبة الوطنية للطب، فإن فيتاميني ك وأ يدعمان قوة العظام، بينما يساعد فيتامين ج في التئام الجروح.
كما يحتوي السبانخ على 45% من متوسط القيمة اليومية لحمض الفوليك، وفيتامين ب الذي يساعد في تكوين خلايا الدم الحمراء والحمض النووي.
كما أنها تمدّ الجسم بالحديد والمغنيسيوم والبوتاسيوم والكالسيوم، وكميات صغيرة من فيتامينات ب الأخرى.
غنية بمضادات الأكسدة
بالإضافة إلى الفيتامينات والمعادن، تُوفّر السبانخ مضادات الأكسدة التي ترتبط بمضادات الالتهاب والوقاية من الأمراض.
وتشمل بعض مضادات الأكسدة الموجودة في السبانخ: الكيمبفيرول، والكيرسيتين، والميريستين، والإيزورهامنتين، المعروف أيضًا باسم الفلافونويد.
ووفقًا لوزارة الزراعة الأميركية، فإن مركبات الفلافونويد قد تساعد في الحماية من السرطان وأمراض القلب والأوعية الدموية والالتهابات.
تحمي من الأمراض
يمكن أن تقلّل المركّبات الموجودة في السبانخ من الإجهاد التأكسدي. كما أنها تؤثر بشكل إيجابي على التعبير الجيني أو "تشغيل" جينات معينة في التمثيل الغذائي والالتهابات.
بالإضافة إلى ذلك، تؤدي هذه المركبات إلى إفراز هرمونات الشبع التي تجعلك تشعر بالشبع والرضا بعد تناول السبانخ.
لهذه الأسباب، خلص الباحثون، في دراسة نشرت عام 2016 في مجلة "الغذاء والوظيفة" (Food & Function)، إلى أن تناول المزيد من السبانخ قد يساعد في الحد من الأمراض المزمنة، بما في ذلك أمراض القلب والسرطان، ومرض السكري من النوع الثاني، والسمنة.
تدعم صحة الدماغ
التأثيرات المضادة للالتهابات الموجودة في السبانخ تجعلها من المواد الرئيسية لحماية الدماغ، خصوصًا فيما يتعلق بالشيخوخة.
ووجدت دراسة نُشرت عام 2015 في مجلة "ألزهايمر والخرف" (Alzheimer's & Dementia)، أنّ كبار السنّ الذين يتناولون حصة واحدة إلى حصتين من السبانخ يوميًا لديهم القدرات المعرفية نفسها مثل الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 7.5 سنوات تقريبًا.
تساعد في معالجة ضغط الدم
السبانخ هي مصدر طبيعي للنيترات، وهي مواد كيميائية تفتح أو توسّع الأوعية الدموية، وهو ما يُحسّن تدفق الدم ويُخفّف الضغط على القلب.
ووجد باحثون، في دراسة نُشرت عام 2016 في مجلة "التغذية" (Nutrition)، أنّ مشروب السبانخ وعصير الشمندر وسلطة الجرجير، تساهم كلها في خفض ضغط الدم الانبساطي، وهو الرقم السفلي في قراءة ضغط الدم، لمدة خمس ساعات.
صحة العيون
تحتوي السبانخ على اللوتين وأحد مضادات الأكسدة الذي يقلّل من خطر الإصابة بالتنكّس البقعي المرتبط بالعمر (AMD).
ووفقًا للمعهد الوطني للعيون، يعد التنكّس البقعي المرتبط بالعمر أحد أمراض العيون التي يمكن أن تشوّش الرؤية المركزية الحادة الضرورية للقراءة والقيادة.
كما أنّه سبب رئيسي لفقدان البصر للأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 55 عامًا.
ووجدت دراسة نُشرت عام 2016 في مجلة "الجمعية اليابانية لطب العيون" (Nippon Ganka Gakkai Zasshi) أن تناول 75 غرامًا من السبانخ المجمّدة التي تحتوي على 10 ملليغرامات من اللوتين يوميًا لمدة شهرين، أدى إلى زيادة مستويات اللوتين في الدم لدى المشاركين وزيادة مقاييس الكثافة البصرية للصبغة البقعية (MPOD).
وتعمل الصبغة البقعية مثل النظارات الشمسية الداخلية لحماية العينين. ويُعتبر انخفاضها أحد عوامل الخطر للإصابة بالتنكّس البقعي.
كيف يؤثر طهي السبانخ على عناصرها الغذائية؟
يمكن لدمج السبانخ في الأطباق النيئة والمطبوخة أن يساعد في زيادة فوائدها الصحية إلى أقصى حد، وتظهر بعض الأبحاث أن عدم طهي الخضروات يحافظ على محتواها من اللوتين.
ووجدت دراسة نُشرت عام 2018 في مجلة "الكيمياء الغذائية" (Food Chemistry)، أنّه بعد طهي السبانخ باستخدام طرق مختلفة، انخفض محتوى اللوتين تدريجيًا. وعندما قام الباحثون بقلي السبانخ على درجة حرارة عالية، انخفضت نسبة كبيرة من اللوتين بعد دقيقتين.
لذلك، من المهم أن تستهلك السبانخ نيئة للحصول على أقصى قدر من اللوتين.
على سبيل المثال، حاول دمج السبانخ في عصير مع الدهون الصحية كالأفوكادو أو زبدة اللوز.
وتزيد الدهون الصحية من قدرة الجسم على امتصاص مضادات الأكسدة المقاومة لأمراض العين.
كما وجدت دراسة نُشرت عام 2018 في مجلة "Food Science and Biotechnology" أنّ طهي الخضار في الميكروويف، بما في ذلك السبانخ، هو أفضل طريقة للحفاظ على فيتامين ك.
ويؤدي السلق أو إضافة الخضار إلى الماء المغلي لإزالة قشورها إلى تقليل محتوى فيتامين سي بشكل كبير.
وبدلًا من ذلك، وجد الباحثون أن وضع الخضار على البخار كان أفضل طريقة للحفاظ على فيتامين سي.
كما وجدوا أن الطهي يقلّل من مستويات فيتامين هـ في السبانخ، ولكنّه يزيد من محتوى فيتامين أ.