الجمعة 3 مايو / مايو 2024

ختان الإناث "ممارسة لا تجلب إلا الأذى".. لماذا لا تزال قائمة؟

ممارسة ختان الإناث معترَف بها دوليًا على أنها انتهاك لحقوق الإنسان للفتيات والنساء - غيتي
ممارسة ختان الإناث معترَف بها دوليًا على أنها انتهاك لحقوق الإنسان للفتيات والنساء - غيتي
ختان الإناث "ممارسة لا تجلب إلا الأذى".. لماذا لا تزال قائمة؟
ختان الإناث "ممارسة لا تجلب إلا الأذى".. لماذا لا تزال قائمة؟
الثلاثاء 23 أبريل 2024

شارك

قد لا يعلم كثيرون أنّ ختان الإناث، أو تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية، هو ممارسة قائمة بالفعل في العديد من دول العالم، رغم أنّه لا يجلب إلا الأذى، ولا فوائد صحّية له بالمُطلَق.

فبحسب تقديرات الأمم المتحدة، هناك حوالي 200 مليون أنثى على قيد الحياة في العالم اليوم خضعن لشكل من أشكال ختان الإناث، ويتعايشن مع آثاره.

وتتركّز ممارسة هذه العملية في ثلاثين دولة في إفريقيا والشرق الأوسط على نحو رئيس مع بعض الممارسات في آسيا وأميركا اللاتينية.

وقد انتقلت هذه العادة أيضًا مع بعض المهاجرين إلى غرب أوروبا وأميركا الشمالية وأستراليا ونيوزيلندا.

فما هو ختان الإناث، وكيف يحدث، وما الأهداف المنشودة منه؟ ولماذا لا تزال هذه الممارسة قائمة في عالمنا اليوم، رغم التثبّت من غياب أيّ فوائد منه؟ وأين أصبحت الجهود الدولية لإنهائه؟

هناك حوالي 200 مليون أنثى على قيد الحياة اليوم خضعن لشكل من أشكال ختان الإناث - غيتي
هناك حوالي 200 مليون أنثى على قيد الحياة اليوم خضعن لشكل من أشكال ختان الإناث - غيتي

ما هو ختان الإناث؟

يُعرف ختان الإناث بأنه عملية قطع أو استئصال متعمدة للأعضاء التناسلية الخارجية للمرأة. وتشمل العملية في أغلب الأحيان استئصال أو قطع الشفرين والبظر، وهي عملية تصفها منظمة الصحة العالمية بأنها "أي عملية تلحق أضرارًا للأعضاء التناسلية الأنثوية لأسباب غير طبية".

ويشمل تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية جميع الإجراءات التي تنطوي على إزالة جزئية أو كلية للأعضاء التناسلية الخارجية للأنثى أو أي إصابة أخرى بالأعضاء التناسلية الأنثوية لأسباب غير طبية.

وفي العديد من الأماكن هناك أدلة تشير إلى مشاركة أكبر لمقدّمي الرعاية الصحية في إجراء تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية بسبب الاعتقاد بأن الإجراء أكثر أمانًا عند العلاج الطبي.

لكنّ منظمة الصحة العالمية تحثّ بشدّة مقدّمي الرعاية الصحية على عدم ممارسة تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية وقد وضعت استراتيجية عالمية ومواد محدّدة لدعم مقدمي الرعاية الصحية ضدها.

أنواع ختان الإناث

بحسب منظمة الصحة العالمية، هناك أربعة أنواع رئيسة من ختان الإناث، على الشكل الآتي:

  • النوع الأول: عادة ما يشار إليه بقطع البظر وهو استئصال البظر جزئياً أو كلياً (والبظر هو جزء حسّاس وناعظ من الأعضاء التناسلية الأنثوية) والقيام، في حالات نادرة، باستئصال القلفة (وهي الطيّة الجلدية التي تحيط بالبظر).
  • النوع الثاني: عادة ما يشار إليه بالاستئصال ويعني التخلص من البظر والشفرين الصغيرين جزئياً أو كلياً، (الطية الجلدية الداخلية بالمهبل) مع استئصال الشفرين الكبيرين أو بدونه (الطية الجلدية الخارجية بالمهبل).
  • النوع الثالث: عادة ما يشار إليه بالختان التخييطي: ويعني تضييق الفوهة المهبلية بعمل سداد غطائي. ويتم تشكيل السداد بقطع الشفرين الصغيرين، أو الكبيرين ووضعهما في موضع آخر أحياناً من خلال التقطيب، مع استئصال البظر أو عدم استئصاله (قطع البظر).
  • النوع الرابع: جميع الممارسات الأخرى التي تُجرى على الأعضاء التناسلية الأنثوية بدواع غير طبية، مثل وخز تلك الأعضاء وثقبها وشقّها وحكّها وكيّها.

ويشير الختان غير التخييطي إلى الممارسة الخاصة بتشذيب سدادة الفوهة المهبلية لدى النساء ممن أجري لهن الختان التخييطي، والذي عادة ما يكون ضروريًا لتحسين الصحة والمعافاة فضلاً عن تمكين المرأة من الاتصال الجنسي أو تيسير الولادة.

يجرى تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية في الغالب على الفتيات الصغيرات بين سنّ الرضاعة والخامسة عشرة - غيتي
يجرى تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية في الغالب على الفتيات الصغيرات بين سنّ الرضاعة والخامسة عشرة - غيتي

مضاعفات ختان الإناث

يتفق المتخصّصون على أنّ ختان الإناث ليس له فوائد صحية بتاتًا، وأن ممارسته تسبّب نزيفًا حادًا ومشاكل في التبول ولاحقًا الخراجات والالتهابات فضلًا عن مضاعفات الولادة وزيادة خطر وفيات الأطفال حديثي الولادة.

ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية، فإنّ تلك الممارسة تنطوي على استئصال نسيج تناسلي أنثوي سوي وعادي وإلحاق ضرر به، كما أنّها تعرقل الوظائف الطبيعية لأجسام الفتيات والنساء. وبشكل عام، تزيد المخاطر بزيادة حدة العملية.

ومن المضاعفات التي قد تظهر فورًا بعد إجراء تلك الممارسة الإصابة بآلام مبرّحة، نزيف حاد، انتفاخ الأنسجة التناسلية، الحمى، العدوى، مشاكل في البول، مشاكل في التئام الجروح، إصابة النسيج التناسلي المحيط، الصدمة، وقد تصل إلى حدّ الوفاة.

أما الآثار الطويلة الأجل فتشمل مشاكل في البول (احتباس البول، وعدوى المسالك البولية)، ومشاكل مهبلية، ومشاكل في الدورة الشهرية، ومشاكل جنسية، إضافة إلى زيادة خطر حدوث مضاعفات أثناء الولادة، والحاجة إلى خضوع عمليات جراحية في مراحل لاحقة.

وفي حديث إلى "العربي"، تشير المتخصّصة في الطب النفسي وعلاج الإدمان د. سالي الشيخ إلى أنّ كل الأمراض النفسية تقريبًا تقع بعد هذه الواقعة البشعة، وعلى رأسها اضطراب ما بعد الصدمة.

وتلفت إلى كمّ المعاناة النفسية التي تمرّ بها الفتاة وكمّ الأذى النفسي والجسدي والجنسي الذي تتعرض له نتيجة هذه الممارسة، لافتة إلى أنّ ذلك قد يشمل نوبات من الهلع والاكتئاب الحاد، إضافة إلى كوابيس مزعجة، وبعض التشنجات الهستيرية.

وتوضح أنّ هذه الأمراض النفسية تستمرّ مع العمر، كما أنّ هذه الممارسة يمكن أن تؤدّي إلى التفكك الأسري والنفسي، إضافة إلى ما يسمّى بالتفسّخ النفسي للأنثى.

لماذا يُمارَس ختان الإناث؟

يجرى تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية في الغالب على الفتيات الصغيرات بين سنّ الرضاعة والخامسة عشرة. كما يمكن أن يجرى في بعض الأحيان على نساء بالغات.

وتختلف أسباب اللجوء إلى هذه الممارسة من إقليم لآخر، وكذلك على مرّ الزمن، إلا أنّها تتضمن مجموعة من العوامل الاجتماعية والثقافية داخل الأسر والمجتمعات المحلية.

في بعض الحالات، يلعب القبول الاجتماعي دورًا في تكريس هذه الممارسة، حيث يُعتبَر تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية أحد الأعراف الاجتماعية، وبالتالي يتمّ ممارسته للتماشي مع ما يفعله الآخرون، أو ما اعتادوا على فعله.

وفي بعض المجتمعات، يُنظَر إلى ختان الإناث كإحدى الممارسات الضرورية لتنشئة الفتاة بطريقة سليمة، وأحد السبُل لإعدادها لمرحلة البلوغ والزواج.

وفي بعض الأحيان، يكون الهدف من هذه الممارسات "الحدّ من شهوة المرأة ومساعدتها على مقاومة العلاقات الجنسية"، بحسب الأمم المتحدة، حيث تربط بعض المجتمعات بين ختان الإناث وبين العذرية السابقة للزواج.

وعلى الرغم من عدم وجود أحكام دينية تدعو إلى اتّباع هذه الممارسة، فإنّ من يمارسونها يعتقدون أنّ لها أسسًا دينية، علمًا أنّ الكثير من رجال الدين يؤكدون أنّ لا علاقة لها بالدين، وبينهم من يسهم في مساعي التخلّص منها.

انتهاك لحقوق الإنسان

في معظم الأحوال، تجرى عملية الختان بدون إرادة الفتاة، وهو ما يجعلها بشكل أو بآخر شكلاً من أشكال العنف ضد المرأة، وانتهاكًا لحقوقها الإنسانية.

وبالفعل فإنّ ممارسة تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية معترَف بها دوليًا على أنها انتهاك لحقوق الإنسان للفتيات والنساء فهو يعكس عدم المساواة المتجذرة بين الجنسين ويشكّل شكلاً متطرّفًا من التمييز ضد الفتيات والنساء.

ويشكّل ختان الإناث في حالة القصّر انتهاكًا لحقوق الأطفال. كما تنتهك هذه الممارسة حقوق الشخص في الصحة والأمن والسلامة الجسدية، والحق في عدم التعرض للتعذيب والمعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، والحق في الحياة في الحالات التي يؤدي فيها الإجراء إلى الوفاة.

على مدى العقود الثلاثة الماضية، انخفض معدل انتشار تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية على مستوى العالم. واليوم، أصبحت احتمالية خضوع فتاة لتشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية أقل بمقدار الثلث مما كانت عليه قبل 30 عامًا بحسب الأمم المتحدة.

وقد أصبح السادس من شهر فبراير/ شباط من كل عام اليوم العالمي لوقف ختان الإناث، يوم يرعاه اليونيسف ويهدف إلى عدم التسامح إطلاقًا إزاء أي تشويه للأعضاء التناسلية الأنثوية لما له من أضرار جسدية ونفسية عميقة تؤثّر على حياة الأنثى والطفل فيما بعد.

المصادر:
العربي - وكالات

شارك

Close