الخميس 2 مايو / مايو 2024

"العربي" يتتبع جرائمه.. لماذا يستهدف الاحتلال الشرطة الفلسطينية؟

أصبحت الشرطة الفلسطينية هدفًا لاغتيالات الاحتلال
أصبحت الشرطة الفلسطينية هدفًا لاغتيالات الاحتلال - الأناضول
"العربي" يتتبع جرائمه.. لماذا يستهدف الاحتلال الشرطة الفلسطينية؟
"العربي" يتتبع جرائمه.. لماذا يستهدف الاحتلال الشرطة الفلسطينية؟
الأحد 24 مارس 2024

شارك

أصبحت الشرطة الفلسطينية هدفًا لاغتيالات الاحتلال، وكان مدير مباحث شمال غزة رائد البنا، ومدير العمليات في شرطة غزة فائق المبحوح، من بين أحدث الضحايا، وهما المسؤولان عن تأمين دخول المساعدات إلى شمال القطاع.

وجاءت هذه الاستهدافات بعد أسبوع واحد من اغتيال الضابط المدني محمد أبو حسنة الذي عرّفه المتحدث باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي على أنّه قائد في قسم العمليات في حركة المقاومة الإسلامية "حماس" بمنطقة رفح جنوبي قطاع غزة. لكنّ الحركة أكدت أنّ الشهيد يشغل منصب نائب مسؤول عمليات الشرطة على عكس ادعاء الاحتلال.

ونقل الباحث الفلسطيني في الشأن الإسرائيلي مصطفى إبراهيم نفي عائلة الضابط ارتباطه بالمقاومة الفلسطينية، مشيرة إلى أنّ الشهيد تلقّى اتصالًا من جيش الاحتلال قبل استهدافه، طالبين منه عدم الذهاب إلى عمله.

ماذا وراء هذه الاغتيالات؟

وثّقت وحدة التحقّق من خلال المصادر المفتوحة في التلفزيون العربي، استهدافات الاحتلال لأفراد الشرطة الفلسطينية، وكشفت عن فشل المُخطّط الإسرائيلي الهادف لفرض سلطة جديدة للعشائر في قطاع غزة.

ومن خلال تحليل موقع اغتيال الضابط محمد أبو حسنة بناء على المعالم الظاهرة في الفيديو، تبيّن أنّها تعود لمقرّ "الأونروا" في حي المسلخ جنوب رفح، وتحديدًا عند هذه الإحداثيات التي لا تبعد عن الحدود الفلسطينية المصرية سوى 1.15 كيلومتر، بينما يفصلها مسافة 5.5 كيلومتر عن أقرب نقطة حدودية مع معبر كرم أبو سالم الذي عادةً ما تعبر منه شاحنات المساعدات.

الحرب على غزة

وتُظهِر صور الأقمار الصناعية الملتقطة بين 12 أكتوبر/ تشرين الأول و5 نوفمبر/ تشرين الثاني، تكدّس النازحين في منطقة الاغتيال، ما يعني أنّ الاحتلال استهدف ضابطًا مدنيًا في إحدى مؤسسات الإغاثة الدولية، وفي منطقة مكتظّة بالنازحين.

عدد من الاستهدافات

وبالبحث عن استهداف الاحتلال لقوى الأمن المدني الفلسطيني، رصد فريق "العربي" عددًا من الاستهدافات منذ بداية العام الحالي. ففي 16 فبراير/ شباط الماضي، وثّق الصحفي الفلسطيني حسن إصليح استشهاد ستة من عناصر الشرطة بعد استهداف سيارتهم.

وبناءً على المعالم الظاهرة في الفيديو، حدّد فريقنا موقع الاستهداف في شارع طه حسين بالقرب من مسجد حمزة بن عبد المطلب في مدينة رفح، وتحديدًا عند هذه الإحداثيات.

وتكرّر الأمر نفسه في العاشر من الشهر نفسه، حين وثّق مقطع فيديو عملية اغتيال مدير مباحث رفح أحمد اليعقوبي ونائبه أيمن الرنتيسي، وإبراهيم شتات رئيس قسم مباحث التموين جراء قصف جيش الاحتلال لمركبتهم في حي تل السلطان غربي رفح، الذي يقع عند هذه الإحداثيات.

الحرب على غزة

وهي الجريمة التي اعترف بها جيش الاحتلال، حيث نشر أدرعي مقطع فيديو يوثّق الواقعة عبر حسابه على "إكس".

وفي اليوم نفسه، تمّ توثيق استهداف الاحتلال لسيارة تابعة للشرطة المدنية في رفح، واستشهاد فردين من الشرطة هما سامي عبد العالم ومنذر الفرا.

وبتحديد موقع هذا الاستهداف، تبيّن أنّه يقع في شارع العروبة بحيّ البرازيل جنوب المدينة، الذي يُعَدّ طريقًا رئيسيًا لممرّ الشاحنات.

توقيت الاغتيالات

وقام فريق "العربي" بجمع بيانات الاستهداف الثلاثة ليتبيّن أنها تقع في مثلّث مساحته الإجمالية 3.09 كيلومترات مربّعة، ويضمّ أيضًا منطقة استهداف الضابط محمد أبو حسنة. كما أنّ الاستهدافات تشابهت بطريقة تنفيذها التي اعتمدت على المقذوفات عبر مسيّرات دقيقة.

وفيما يلي رسم بيانيّ يوضح عدد الاستهدافات خلال شهري فبراير ومارس من العام الحالي.

رسم بياني عن عدد الاستهدافات خلال شهري فبراير ومارس

وتأتي هذه التواريخ بعد شهرٍ تقريبًا من إعلان جيش الاحتلال عن مخطّطه بالانتقال إلى المرحلة الرابعة من الحرب على قطاع غزة، والتي ستشهد انتقال الحكم في غزة إلى الإدارة المدنيّة المستقلّة المشكَّلة من العشائر التي قد تتعاون مع الاحتلال.

ولاحظ فريقنا تباعد الفترات الزمنية بعد أحدث استهداف للشرطة في رفح، واستهداف أبو حسنة، وهو ما يمكن أن نعزوه إلى الموقف الأميركي المتخوّف من ذلك المخطّط.

مخطط للانتقال إلى المرحلة الرابعة من حرب غزة

ففي 16 فبراير، أقرّ مبعوث الولايات المتحدة الخاصة للقضايا الإنسانية ديفيد ساترفيلد لأول مرة باستهداف الاحتلال لأفرادٍ من الشرطة كانوا يحرسون شاحنات المساعدات.

كما أبدت الإدارة الأميركية تخوّفها من تحوّل غزة إلى مقديشو جديدة، مطالبةً إسرائيل بالتوقّف عن استهداف أعضاء الشرطة المدنية التي تُديرها "حماس"، والذين يرافقون شاحنات الإغاثة في غزة.

ودفعت الاستهدافات المتكررة لعناصر الشرطة برنامج الأغذية العالمي إلى تعليق تسليم المساعدات الغذائية إلى شمال غزة مؤقتًا حتى توافر الظروف التي تسمح بالتوزيع الآمن، ما ترتّب عليه انخفاضًا بنسبة 50% في الإمدادات التي دخلت غزة في شهر فبراير مقارنة بشهر يناير.

وظهرت خطة إسرائيل إلى العلن في بداية شهر مارس، حين كثّف الاحتلال لقاءاته مع زعماء عشائر غزة لإقناعهم بلعب دورٍ في إدارة غزة.

ورفضت العشائر عرض الاحتلال، فحاول الضغط من خلال استهداف كوادر الشرطة. لكنّ ردّ الفصائل الفلسطينية جاء في نفس يوم اغتيال أبو حسنة، بتصريحاتٍ تؤكد رفض التدخّل في الشأن الفلسطيني، وهو ما ثمّنته حركة "حماس" في بيان على منصّة تلغرام.

وفي الساعات الأولى من صباح 17 مارس، دخلت 13 شاحنة طحين عبر شارع صلاح الدين، وبتأمين من أجهزة الأمن في حكومة غزة، وبالتعاون مع عشائر فلسطينية.

وهذا الإخفاق في تنفيذ مخططه، دفع الاحتلال في اليوم التالي إلى اقتحام مستشفى الشفاء التي شهدت اجتماع العشائر للتنسيق مع الأمن من أجل ضمان وصول المساعدات للشمال، واغتيال العميد فائق المبحوح، ومن ثمّ اغتيال الرائد البنّا.

وتخرق سياسة الانتقام التي يتّبعها جيش الاحتلال الإسرائيلي، القوانين الدولية التي تحظر إعاقة مهام حفظ الأمن، حيث تمنع المادة الـ54 من اتفاقية جنيف الرابعة دولة الاحتلال من تغيير وضع القضاة والموظفين أو عقابهم.

كما يُخالف سلوك الاحتلال المادة الـ54 من اتفاقية جنيف الرابعة، والمادة السابعة من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية اللتين تحظران منع تزويد السكان بالمؤن الغذائية والإمدادات الطبية.

ما توصّل إليه فريق "العربي" بتحليل وقائع استهداف رجال الشرطة، هو جريمة جديدة تُضاف إلى سجل الاحتلال الحافل بانتهاكات لم تستثن أي طبقة أو وظيفة أو فئة، وتتوالى أمام أنظار العالم.

المصادر:
العربي

شارك

Close