الجمعة 10 مايو / مايو 2024

وسط الغضب المتصاعد ضدها.. ما مستقبل إسرائيل الإقليمي والدولي؟

وسط الغضب المتصاعد ضدها.. ما مستقبل إسرائيل الإقليمي والدولي؟

Changed

تبدو تل أبيب وكأنها وقعت في مستنقع غزة وأضحت في خضم مأزق سياسي وعسكري وإستراتيجي على الصعيدين الداخلي والخارجي - غيتي
تبدو تل أبيب وكأنها وقعت في مستنقع غزة وأضحت في خضم مأزق سياسي وعسكري وإستراتيجي على الصعيدين الداخلي والخارجي - غيتي
في ميزان الربح والخسارة، تبدو تل أبيب وكأنها وقعت في مستنقع غزة، وأضحت في خضم مأزق سياسي وعسكري على الصعيدين الداخلي والخارجي.

يكمل قطاع غزة اليوم الرابع بعد المئتين من حرب طاحنة تشنها إسرائيل، وبعد كل الجرائم والأعداد الكبيرة للضحايا والدمار والمآسي، ما زال شبح الإخفاق يلاحق تل أبيب، بسبب عدم قدرتها على تحقيق أهداف عدوانها المعلنة والمتمثلة بالقضاء على حماس واستعادة أسراها.

وما نجحت إسرائيل في تحقيقه قياسًا بمعاييرها وأهدافها غير المعلنة، هو تدمير القطاع وجعله مكانًا غير صالح للعيش، فضلًا عن إطالة عمر الائتلاف الحكومي المترنح.

في ميزان الربح والخسارة إذًا، تبدو تل أبيب وكأنها وقعت في مستنقع غزة، وأضحت في خضم مأزق سياسي وعسكري وإستراتيجي على الصعيدين الداخلي والخارجي.

داخليًا، شارع غاضب ومظاهرات مطالبة باستقالة حكومة الطوارئ التي يقودها بنيامين نتنياهو، فضلًا عن محاكمته واستعادة الأسرى، يرافق ذلك انقسام واختلاف داخل الائتلاف الحاكم وأجهزته الأمنية التي تعصف بها موجة استقالات على خلفية الإخفاق في إحباط هجمات السابع من أكتوبر/ تشرين الأول.

أما خارجيًا، فتواجه إسرائيل موجة إدانات واسعة على صعد عدة، أممية، وسياسية، وأكاديمية، وشعبية. بينما يظهر موقف رسمي في تلك الدول مناصر لإسرائيل، باحث عن طوق نجاة لها عبر بيانات ومبادرات وتعطيل لأي مسعى لوقف إطلاق النار، في ذات الوقت تمد تلك العواصم تل أبيب بدعم لا محدود عسكريًا وأمنيًا وسياسيًا.

بين مقاطعة إسرائيل ودعمها، تستمر المجازر الإسرائيلية والغضب الشعبي في جغرافيات مختلفة، ويرافق ذلك سعي إقليمي للتهدئة وخفض التصعيد رغم الجبهات المفتوحة والأزمات المتتالية.

ما انعكاسات الحركات الطلابية في أميركا على الساحة الإسرائيلية؟

الخبير في الشأن الإسرائيلي أنطوان شلحت أوضح أن ما يحدث في العالم وخصوصًا في الولايات المتحدة على مستوى الجامعات هو أمر مهم للغاية وله انعكاسات، معربًا عن اعتقاده أنها ممكن أن تكون بعيدة المدى على الساحة الإسرائيلية الداخلية.

وفي حديث لـ"العربي" من مدينة عكا، أشار شلحت إلى أن هناك محاولات من القيادة الإسرائيلية الرسمية لوصم هذه المظاهرات بأنها معادية للسامية أو بأنها تذكر بالتظاهرات التي جرت إبان الفترة النازية.

وفيما يتعلق بالساحة السياسية الإسرائيلية، أضاف شلحت أن الاحتجاجات الآخذة بالتصاعد في الداخل الإسرائيلي ما زالت في أدنى مستوى من الاحتجاجات التي تجري في العالم، بما في ذلك داخل الولايات المتحدة، يضاف إلى ذلك أن هناك فارقًا جوهريًا مهمًا بين تظاهرات الخارج وبين التظاهرات الإسرائيلية الداخلية.

احتجاجات طلابية في الجامعات الأميركية رفضًا للحرب الإسرائيلية على غزة
احتجاجات طلابية في الجامعات الأميركية رفضًا للحرب الإسرائيلية على غزة - غيتي

فالتظاهرات الإسرائيلية الداخلية، حسب شلحت، تركز أكثر من أي شيء آخر على ضرورة أن تتوصل الحكومة إلى صفقة تبادل، وتطالب بإسقاط حكومة بنيامين نتنياهو على خلفية عدم نجاحها في إطلاق سراح الأسرى، ولكن هذه المظاهرات حتى الآن لا تطالب على نحو حازم بوقف حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة.

أما على مستوى الخلافات السياسية داخل الحكومة الإسرائيلية، فأشار شلحت إلى أن ما يقوله نتنياهو في الآونة الأخيرة من عزمه الاستمرار في هذه الحرب وأنه سيقوم باجتياح رفح يراد منه أن يرضي حليفيه الرئيسيين من الصهيونية الدينية (إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش)، لأن هذين الوزيرين هددا بصريح العبارة بأنه في حال التوصل إلى صفقة تبادل أسرى تسفر عن وقف الحرب، فإنهما سينسحبان من الائتلاف الحكومي الأصلي المتماسك، ما سيؤدي إلى تفكك الحكومة الإسرائيلية الأصلية، وهذا ربما أكبر كابوس يمكن أن يقض مضجع نتنياهو في الوقت الحالي.

وأعرب عن اعتقاده بأن ضغط الدول الإقليمية التي تقيم علاقات مع إسرائيل من أجل أن تغير سياستها، لم يُمارس حتى الآن بما فيه الكفاية، وإلا لكان أسفر عن ثمرات ملموسة.

وأوضح أن المفتاح الرئيس في علاقات إسرائيل السياسية الدولية مرهون بعلاقتها بالولايات المتحدة، مشيرًا إلى أن إسرائيل تستمد الدعم المطلق من الموقف الأميركي الذي ربما لديه بعض التحفظات، ولكنه ليس معارضًا بالمطلق لاستمرار الحرب على قطاع غزة، وليس معارضًا بالمطلق أيضًا للأهداف التي وضعتها إسرائيل لهذه الحرب وفي مقدمتها إطلاق الأسرى والقضاء على قدرات حماس العسكرية والسلطوية.

ولفت شلحت إلى أن هناك إشارات ما زالت أولية في الآونة الأخيرة تدل على أن الولايات المتحدة تحاول أن تمارس بعض الضغوط على الحكومة الإسرائيلية، وهناك تلميحات في بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية أن الولايات المتحدة حتى الآن لم تمنح الضوء الأخضر لنتنياهو لكي يدخل إلى رفح.

ما هو مستقبل إسرائيل الدولي والإقليمي؟

وبشأن اختلاف محددات العلاقات الدولية التي سعت إسرائيل لحمايتها مع حلفائها الغربيين مع ما تمثله هذه المتغيرات وما يتجلى في حراك الجامعات الأميركية، أوضح أستاذ النزاعات الدولية في معهد الدوحة للدراسات العليا إبراهيم فريحات، أن الحكومة الإسرائيلية التي لا تعير أي اهتمام للعالم العربي أو ما يسمى بالعالم الجنوبي، تهتم بما يدور في الغرب بشكل أساسي وتحديدًا في أميركا وأوروبا الغربية.

وأضاف في حديث لـ"العربي" من الدوحة، أن إسرائيل استطاعت إلى حد ما أن تحافظ على الموقف الرسمي تحديدًا في الولايات المتحدة وألمانيا بالإضافة إلى بريطانيا وفرنسا، لكنه لفت إلى أنها تلقت ضربة موجعة جدًا بسقوط ورقة "التوت الأخيرة" المتمثلة بالموقف الرسمي للحكومات الغربية، والتي أدت إلى أزمة ديمقراطية داخلية في هذه المجتمعات وتحديدًا في الولايات المتحدة.

وأضاف أن هذا الأمر أكثر ما يخشاه بنيامين نتنياهو، لذلك خرج على شاشات التلفزيون منددًا ومذكّرًا بأن ما تشهده الجامعات الأميركية هو شبيه فيما حدث بالجامعات الألمانية في الثلاثينيات.

وأوضح فريحات أن الحرب الأخيرة كشفت الكثير من القضايا التي كانت تسوقها إسرائيل للعالم العربي، وكانت تجد هناك سوقًا ومستهلكين لمثل هذه الروايات، من ضمنها أن بإمكانها أن توازن النظام الإقليمي مع إيران، فجاءت السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي وهي غارقة في رمال غزة، ولم تستطع تحقيق الهدف الرئيسي لها بالقضاء على حركة حماس، ثم انكشفت بالمواجهة مع إيران.

وأشار إلى أن هناك رواية أخرى وهي "الديمقراطية الوحيدة" فيما يسمى بالشرق الأوسط، وهذه الرواية مستهلكوها ما زالوا هم الغرب التي استثمرت فيها إسرائيل لعقود من الزمن، وأنه يجب أن يتم حمايتها لأنها الديمقراطية الوحيدة وتلتقي أيديولوجيًا مع الديمقراطيات الغربية.

وأضاف أن هذه الرواية الإسرائيلية تسقط، وتسقط في الجامعات العريقة وفي منابر العلم ومنابر الحرية الأكاديمية، حيث لا يوجد الآن سوق لمثل هذه الرواية بعد الإبادة الجماعية التي تقوم بها إسرائيل ولا يوجد لها مناصرون بالوقت الحالي سوى جو بايدن وأعضاء في الحزب الديمقراطي الذين يستفيدون شخصيًا بدعايتهم الانتخابية من اللوبي الإسرائيلي في الانتخابات.

ما تأثير حراك الجامعات على سياسات الولايات المتحدة؟

وبشأن الكلف السياسية والقانونية التي بدأت تتجلى داخل الدول الحليفة لإسرائيل بدءًا من الجامعات الأميركية والشوارع الأوروبية، أشار أستاذ دراسات أميركا اللاتينية في جامعة كولومبيا داني شون، إلى أن الولايات المتحدة تشهد حركة هائلة يقودها طلاب وأساتذة، لافتًا إلى أن هناك الكثير من التبعات لهذا التضامن مع الشعب الفلسطيني.

وفي حديث لـ"العربي" من نيويورك، أضاف داني شون أن الأغلبية الشاسعة من الناس في الولايات المتحدة لا يوافقون على الإبادة الجماعية في غزة والضفة الغربية وفلسطين المحتلة عمومًا، مشيرًا إلى أن وسائل الإعلام في البلاد قامت بكل الممكن لتخريب احتجاجاتنا.

وفيما قال إن المحتجين يشددون على أن لفلسطين الحق في أن تكون حرة من الإبادة الجماعية، لفت شون إلى أن وسائل الإعلام الأميركية تتهمهم بأنهم معادون للسامية.

وأشار داني شون إلى أن 80% من الأشخاص في الولايات المتحدة، حسب الاستفتاءات هم ضد الإبادة الجماعية، موضحًا أن هناك تزايدا في عدد الأميركيين الذي يدركون استخدام المصطلح.

وقال: "نحن نرى الصهيونية على أنها عدو ليس فقط للشعب الفلسطيني، بل أيضًا للعالم العربي والعالم المسلم وكل الإنسانية".

وبشأن تأثير الحراك في الجامعات على سياسات الولايات المتحدة، أعرب داني شون عن اعتقاده بأن المشكلة لا تكمن فقط في نتنياهو، بل في كل المجتمع الصهيوني والمجتمع الإسرائيلي، مشيرًا إلى أن حوالي 90% من الإسرائيليين يوافقون على الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني.

وأضاف أن نتنياهو والقيادة الإسرائيلية قلقون للغاية من المظاهرات التي تخرج في الجامعات الأميركية.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close