الإثنين 20 مايو / مايو 2024

دواء من الداء.. أسترالي ينقذ المصابين بلدغات الحيوانات البحرية بسمومها

دواء من الداء.. أسترالي ينقذ المصابين بلدغات الحيوانات البحرية بسمومها

Changed

تعد الأسماك الصخرية من الأسماك السامة- غيتي
تعد الأسماك الصخرية من الأسماك السامة- غيتي
يستخرج عالم أسترالي السموم من الحيوانات البحرية القاتلة ويحوّلها إلى مضادات للسمّ تستطيع إنقاذ أرواح المصابين بلدغاتها.

يجري جيمي سيمور الأستاذ في علم السموم في جامعة جيمس كوك بكوينزلاند، شمال شرق أستراليا، دراسات عن أخطر الحيوانات البحرية في العالم لفهم كيف تساهم سمومها في تصنيع مضادات سموم.

فيمكن لقنديل البحر الصغير "إيروكاندجي" المستوطن في شمال أستراليا أن يكون شديد الإيذاء، إذ أن لدغة بسيطة منه كفيلة التسبُّب بألم لا يطاق، لكنّ المفارقة تتمثل في أن سمّه يمكن أن ينقذ الأرواح.

وتطفو في أحواض داخل مستودع سيمور عشرات من قناديل البحر "إيروكاندجي"، لا يزيد حجم بعضها عن حبة سمسم.

وتسبح في حوض آخر سمكة صخرية مرجانية، وهي أكثر نوع سام من الأسماك في العالم، إذ تخترق أشواكها الصلبة الجلد متسببةً بآلام حادة لدرجة فقدان وعي الشخص أو موته حتى. وقد نجا سيمور من إحدى لسعاتها.

أستراليا مسكن للحيوانات السامة

ويشير عالم الأحياء من مستودعه إلى أنواع قاتلة أخرى، بينها قناديل البحر المكعبة القادرة على قتل مَن تلسعه في 10 دقائق. ويقول سيمور لوكالة فرانس برس: "إنّ أستراليا هي بلا شك أكثر قارة تضمّ حيوانات سامة في العالم"، مع العلم أنّ الوفيات الناجمة عن لسعات هذه الكائنات نادرة.

وسُجّلت 32 حالة وفاة مرتبطة بالحيوانات سنويًا في أستراليا بين عامي 2001 و2017، تُعزى معظمها إلى هجمات خيول أو أبقار، بحسب أحدث بيانات متاحة. 

ومنذ عام 1883، تسبّبت قناديل البحر الصغيرة "إيروكاندجي" بوفاة شخصين، بينما قتلت قناديل البحر المكعبة 69 شخصًا.

ويلفت سيمور إلى تسجيل "ما بين 3000 إلى 5000 حالة وفاة سنويًا في أستراليا مرتبطة بالمخدرات أو الكحول أو حوادث سيارات"، موضحًا أنّ "احتمال التعرّض للدغة أو عضة من حيوان في أستراليا، يأتي بنسب معقولة". 

تحويل السموم إلى مضاد للسم

ويعد مستودع سيمور الوحيد الذي يستخرج السموم من هذه الحيوانات البحرية القاتلة ويحوّلها إلى مضاد للسمّ، رغم أنّ هذه العملية تتسم بصعوبة.

ويزيل الباحثون اللوامس أو المجسات الحسية لقناديل البحر المكعبة ثم يخضعونها للتجميد قبل سحب السمّ منها. ولا يوجد مضاد سم لقناديل البحر الصغيرة إيروكاندجي.

تستطيع بعض أنواع قناديل البحر قتل مَن تلسعه في 10 دقائق- غيتي
تستطيع بعض أنواع قناديل البحر قتل مَن تلسعه في 10 دقائق- غيتي

أما بالنسبة إلى الأسماك الصخرية المرجانية، فتتمثل إحدى طرق سحب سمّها بإدخال حقنة في غدد السم لديها وسحب بضعة ملليملترات من السائل القاتل. وبمجرد أن يجمع الباحثون ما يكفي من السم، يرسلونه إلى المختبر الذي يحوّله بدوره إلى مضاد للسم.

ثم يُحقَن حيوان ينتج أجسامًا مضادة طبيعية كالحصان مثلاً، بكمية صغيرة من هذا السم على مدى ستة أشهر. ويُجمَع بعد ذلك بلازما الحيوان ويتم استخلاص الأجسام المضادة منه ثم تنقيتها وتحويلها إلى مضاد سموم للبشر.

وتُنقَل بعدها هذه المواد إلى المستشفيات في أستراليا وبعض جزر المحيط الهادئ، حيث يمكن إعطاؤها في حال التعرّض للدغة أو عضة.

ويؤكد سيمور: "لدينا بعض من أفضل مضادات السموم في العالم، لا شك في ذلك"، ويقول: "إن الوقت والجهد المبذولين في إنتاجها يجعلنا نتميّز عن معظم البلدان الأخرى". 

تأثير التغيّر المناخي

ويحذّر العلماء من أنّ التغيّر المناخي قد يزيد من خطر التعرّض للدغات. فقبل نحو ستين عامًا، كانت الفترة التي تزداد خلالها لدغات قناديل البحر الصغيرة "إيروكاندجي" تمتدّ من نوفمبر/ تشرين الثاني إلى ديسمبر/ كانون الأول. 

أما راهنًا، وبسبب ارتفاع درجات حرارة المحيطات، فتمتد هذه الفترة حتى مارس/ آذار، مما يدفع قناديل البحر القاتلة هذه للتوجه بشكل أكبر نحو الجنوب.

واكتشف طلاب سيمور أن التغيرات في درجات الحرارة تغيّر من درجة السمّ لدى الحيوانات. ويقول الأستاذ: "على سبيل المثال، إذا صنّعت مضاد سم لحيوان عند درجة حرارة 20 درجة وتعرّضت للسعة من حيوان يعيش في البرية في ظل درجة حرارة تصل إلى 30 درجة مئوية، فلن يكون المضاد فعّالاً". 

ويمكن استخدام سمّ الحيوانات اللاذعة لعلاج عدد كبير من الحالات الصحية الأخرى، كالتهاب المفاصل الروماتويدي. ولا يزال هذا المجال من البحوث يواجه نقصًا كبيرًا في التمويل.

ويقول سيمور: "إنّ السمّ مشابه لطبق راتاتوي، فهو يحتوي على مجموعة كاملة من المكونات المختلفة"، مضيفًا: "ما نحاول القيام به هو فصل هذه المكوّنات ومعرفة عمل كلّ منها".

المصادر:
وكالات

شارك القصة

تابع القراءة
Close