السبت 27 أبريل / أبريل 2024

بعد امتناعها عن "الفيتو".. ما حقيقة اتساع الفجوة بين أميركا وإسرائيل؟

بعد امتناعها عن "الفيتو".. ما حقيقة اتساع الفجوة بين أميركا وإسرائيل؟

Changed

زاد الامتناع الأميركي عن استخدام حق النقض "الفيتو" ضد قرار مجلس الأمن من اتساع الفجوة بين إسرائيل والولايات المتحدة
زاد الامتناع الأميركي عن استخدام حق النقض "الفيتو" ضد قرار مجلس الأمن من اتساع الفجوة بين إسرائيل والولايات المتحدة - وسائل التواصل
جاء الرد الإسرائيلي على قرار مجلس الأمن في صيغة تحد للإجماع الدولي، وترجمته آلة العدوان في عمليات قصف وتدمير شاملة استهدفت قطاع غزة.

لأول مرة منذ 5 أشهر على العدوان الإسرائيلي، يضع مجلس الأمن الدولي الانقسام بشأن غزة جانبًا، ويتفق على إصدار قرار بوقف فوري لإطلاق النار.

ويطلب مشروع القرار من إسرائيل وقف أعمالها العسكرية في القطاع في شهر رمضان، ويشمل أيضًا استجابة المقاومة لذلك، ما سيؤدي إلى "وقف دائم للأعمال القتالية والإفراج عن كل الرهائن"، علاوة على زيادة المساعدات الإنسانية لتلبية الاحتياجات الأساسية.

لكن الرد الإسرائيلي على القرار جاء في صيغة تحد للإجماع الدولي، وترجمته آلة العدوان في عمليات قصف وتدمير شاملة استهدفت أغلب مناطق قطاع غزة وتوسيع هجماتها العسكرية على محافظة رفح المكتظة بالنازحين.

سياسيًا، أقدمت حكومة الاحتلال على سحب فريقها التفاوضي من العاصمة القطرية الدوحة، بعدما ردد مسؤولون إسرائيليون أن القرار سيضر بمسار مفاوضات الصفقة، في وقت ألغى فيه نتنياهو زيارة وفد إسرائيلي إلى واشنطن بعد أن سمحت الأخيرة بتمرير القرار.

وزاد الامتناع الأميركي عن استخدام حق النقض "الفيتو" ضد القرار من اتساع الفجوة بين إسرائيل والولايات المتحدة، بل إن مسؤولين في حكومة بنيامين نتنياهو حذروا من رفع الحماية الدبلوماسية عن إسرائيل، علاوة على النظر في تزويد الجيش بالسلاح والذخيرة.

ويظهر الموقف الأميركي أن صبر إدارة واشنطن تجاه سلوك إسرائيل في الحرب ينفد، وتمرير القرار في مجلس الأمن خطوة مؤلمة لنتنياهو، ستزيد أكثر من عزلة الاحتلال وقطيعته الدولية كما تؤكد حركة حماس.

اتساع الفجوة بين تل أبيب وواشنطن

وفي هذا الإطار، يرى كبير الباحثين في مركز المصلحة الوطنية غريغ بريدي، أن قرار مجلس الأمن لن يجبر إسرائيل على إيقاف الحرب على غزة، مشيرًا إلى عدم استخدام الولايات المتحدة "الفيتو" هو خطة محسوبة، لفرض فجوة دبلوماسية أكبر بينها وبين إسرائيل.

وفي حديث لـ"العربي" من واشنطن، ذكر بريدي أن الولايات المتحدة الأميركية لطالما استخدمت حق النقض في مجلس الأمن للدفاع عن إسرائيل في الماضي، وكانت تستخدم الفيتو أيضًا لمنع الوصول إلى قرارات تطالب بوقف إطلاق النار قبل الإفراج عن الأسرى.

وفيما أشار إلى أن قرار مجلس الأمن ليس ملزمًا، لفت بريدي إلى أن واشنطن تحاول اتخاذ خطوات للابتعاد عن إسرائيل دبلوماسًيا.

وبشأن اتساع الفجوة بين تل أبيب وواشنطن، أوضح بريدي أنه كان هناك انتقاد متزايد في إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن والحزب الديمقراطي لعدم اتخاذ إجراءات كافية تجاه إسرائيل، مشيرًا إلى أنه سمع أحاديث تطالب بعدم الاستمرار في تأمين الأسلحة والذخائر، والمطالبة ببعض المطالب من إسرائيل والحد من عملياتها العسكرية، وإدخال المساعدات الإنسانية بشكل أكبر.

بريدي أشار أيضًا إلى أن هناك ضغطًا متزايدًا من جهات متعددة في واشنطن، مضيفًا أن هذا الضغط يتنامى على بايدن، ولكن الرئيس الأميركي كان مستعدًا لانتقاد إسرائيل، لكنه لم يكن مستعدًا لربطها بإجراءات ملموسة والقول إننا سوف نقلل تأمين الأسلحة أو الذخائر أو يكون هناك شروط على العمليات.

وأوضح أن الفجوة بين الولايات المتحدة وإسرائيل ستتسع في حال تجاهل نتنياهو قرارات الإدارة الأميركية وموقف الرئيس بايدن، خاصة فيما يتعلق بالعملية في رفح، وقد يتخذ الرئيس بايدن إجراءات، لكنه أشار إلى أنه من الخطأ ألا نوضح أن هذا سوف يتخطى خطوطًا حمراء.

هل تواصل إسرائيل تحديها الإدارة الأميركية؟

من جهته، أشار الباحث في الشأن الإسرائيلي أنطوان شلحت إلى أن إسرائيل أعلنت أنها سوف تتحدى قرار مجلس الأمن الدولي، ولن تنفذه، وضمن ذلك أعلنت أنها تتحدى حتى الإدارة الأميركية.

وفي حديث لـ"العربي" من عكا، أشار شلحت إلى أن هناك تصريحات إسرائيلية تعبر عن خيبة أمل كبيرة من الموقف الأميركي بالرغم من أن واشنطن وعلى لسان الناطق باسم مجلس الأمن القومي حجمت الموقف الأميركي بشأن الامتناع عن التصويت على هذا القرار وعدم استخدام الفيتو، وأكدت أن هذا القرار لا يعني حدوث تغيير جوهري في موقف الولايات المتحدة من الأهداف البعيدة المدى للحرب، ولكنها مختلفة ربما على أسلوب الحرب.

شلحت الذي أعرب عن اعتقاده أن إسرائيل ستمضي قدمًا في هذا التحدي، أوضح أن ما يشجعها على الاستمرار هو أن هناك تماسكًا حتى الآن للائتلاف الحكومي، وأن نتنياهو مصر على إطالة أمد الحرب لأن هناك الكثير من المصالح السياسية التي تعود عليه بالنفع.

وقال شلحت: "في حال عدم تجاوب إسرائيل مع هذا القرار يمكن أن يُقدم إلى مجلس الأمن مشروع قرار آخر يطالب من خلالها بفرض عقوبات على إسرائيل، عندها سيكون الموقف الأميركي على المحك، متسائلًا: "هل ستؤيد مثل هذا القرار أم ستعود لاستخدام الفيتو؟".

وأشار إلى أن إسرائيل مرتاحة الآن، لذلك أقدمت على عدد من الخطوات، حيث سحبت وفدها المفاوض من الدوحة، وجمدت سفر الوفد الأمني برئاسة وزير الشؤون الإستراتيجية ورئيس مجلس الأمن القومي للبحث في كل العملية العسكرية التي تنوي أن تقوم بها في مدينة رفح، ما يعني أنها تتحدى الموقف الأميركي.

وهذا التحدي حسب شلحت، ناجم ليس فقط عن فائض قوة، وإنما ربما عن شعور إسرائيلي داخلي بأن الولايات المتحدة ما زالت مؤيدة بقوة للموقف الإسرائيلي من الحرب على غزة.

وفيما أشار إلى أن هناك خلافات تكتيكية، لفت شلحت إلى أنها لم تصل إلى مستوى الصدع الإستراتيجي الذي يؤدي إلى أن تتخذ الولايات المتحدة المواقف الأكثر صرامة والتي تؤدي فعلًا إلى وقف الحرب وإلى التوصل إلى اتفاق دائم لوقف إطلاق النار.

وأعرب عن اعتقاده أن نتنياهو سيواصل استثمار هذا الخلاف لكي يزيد من شعبيته التي ارتفعت ولو بنسب قليلة في استطلاعات الرأي العام الأخيرة، لكنها لن تسعفه كثيرًا في ضوء كل الإخفاق الذي ترتب على هجوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول.

ولفت شلحت إلى أن هناك تحذيرات من بعض الأوساط في المعارضة ومن بعض القوى العسكرية السابقة التي تقول إن هذا التحدي والذهاب إلى الحد الأقصى في تحدي الولايات المتحدة يمكن أن ينعكس سلبًا على إسرائيل على المدى البعيد، لأن الكثير من الأحداث في خضم الحرب الإسرائيلية الحالية على غزة أثبتت أن إسرائيل ليست أكثر من محمية أميركية، وفي اللحظة التي يمكن أن ترفع الولايات المتحدة الغطاء الاقتصادي والغطاء الدبلوماسي وغطاء شحن الأسلحة عن إسرائيل، ستكون إسرائيل في وضع ربما لم يكن مسبوقًا منذ إقامة الدولة.

"تحول في المواقف الدولية"

من ناحيته، يرى الكاتب والباحث السياسي إياد القرا، أن قرار مجلس الأمن الأخير هو تحول مهم في المواقف الدولية، مشيرًا إلى أن الترحيب والارتياح الفلسطيني، جاء مما يمكن أن نسميه إدراكًا في الولايات المتحدة لخطورة ما تقوم به إسرائيل، وأن المنطقة يمكن أن تذهب بعيدًا فيما يتعلق بالأوضاع المتوترة أساسًا.

لكنه استبعد أن يكون هناك تحول فيما يتعلق بالموقف الأميركي باتجاه خطوات حقيقية وفعلية، لافتًا إلى أن كل خطوة تقوم بها الولايات المتحدة هي موضع شك طالما أنه لا زالت تمول إسرائيل بالسلاح وبالمال والاقتصاد، والقرار السياسي.

وبشأن قرار مجلس والأمن واجتياح رفح، أشار القرا في حديث لـ"العربي من رفح، إلى أن إسرائيل ماضية في مواقفها وقرارتها حتى بعد قرار مجلس الأمن، وهي تريد أن تتحدى المجتمع الدولي وحتى والولايات المتحدة بالذهاب إلى عملية برية في رفح.

وأضاف أن إسرائيل تريد أن تبتز الولايات المتحدة مقابل عدم الذهاب إلى مدينة رفح، بالحصول على مزيد من السلاح والمصالح مع الولايات المتحدة والمجتمع الدولي.

وأردف القرا أن هناك إجماعا دوليا على أن صورة إسرائيل هي دولة تمارس القتل والإرهاب والإبادة الجماعية، وأنها دولة لا تتورع عن قتل الأطفال، لكن الترجمة الفعلية لهذا الموقف على الصعيد الدولي هي الذهاب نحو خطوات فعلية.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close