السبت 18 مايو / مايو 2024

الاتفاق على "سقف" لسعر النفط الروسي يتوسّع.. كيف سترد موسكو؟

الاتفاق على "سقف" لسعر النفط الروسي يتوسّع.. كيف سترد موسكو؟

Changed

"الأخيرة" تناقش تداعيات تحديد سقف لسعر النفط الروسي (الصورة: غيتي)
اعتبارًا من الإثنين، يدخل الحظر الذي فرضه الاتحاد الأوروبي على شراء النفط الروسي من طريق البحر حيز التنفيذ ما يخفض ثلثي مشترياته من الخام الروسي.

بعد الاتحاد الأوروبي، تمكّنت دول مجموعة السبع وأستراليا أمس الجمعة، من الاتفاق على وضع حد أقصى لسعر النفط الروسي عند 60 دولارًا للبرميل، وفق ما جاء في بيان مشترك.

وأشار البيان إلى أن "مجموعة الدول السبع وأستراليا.. توصلتا إلى توافق في الآراء بشأن حدٍ أقصى يبلغ 60 دولارًا أميركيًا لبرميل النفط الخام الروسي المنقول عن طريق البحر".

وبعد إخفاقات سابقة، كانت دول الاتحاد الأوروبي قد توصلت في وقت سابق الجمعة، إلى اتفاق بشأن وضع حد أقصى لسعر برميل النفط الروسي قدره 60 دولارًا لحرمان موسكو من وسائل تمويل حربها في أوكرانيا.

وقال فوك فين نغوين، الخبير في قضايا الطاقة في معهد جاك ديلور إن: روسيا كسبت 67 مليار يورو من مبيعاتها النفطية إلى الاتحاد الأوروبي منذ بداية الحرب في أوكرانيا، بينما تبلغ ميزانيتها العسكرية السنوية نحو 60 مليار يورو.

وفي تصريح للصحافة، قال سفير بولندا لدى الاتحاد الأوروبي أندريه سادوس: "يمكننا أن نؤيد هذا القرار رسميًا" بعد أن ضغطت بلاده لوضع سعر أقل.

وعبر موقع "تويتر"، أعلنت الرئاسة التشيكية لمجلس الاتحاد الأوروبي الترحيب بالاتفاق قائلة: "يظل الاتحاد الأوروبي موحدًا ومتضامنًا مع أوكرانيا"، موضحة أن القرار سيدخل حيز التنفيذ بمجرد نشره في الجريدة الرسمية.

كما رحّب البيت الأبيض الجمعة بالاتفاق، حيث قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي: "ما زلنا نعتقد أن تحديد سقف للسعر سيحد من قدرة (فلاديمير) بوتين على الاستفادة من سوق النفط لمواصلة تمويل آلة حرب تستمر في قتل الأوكرانيين الأبرياء".

ويفترض أن يمنع نظام الاتحاد الأوروبي الشركات من تقديم خدمات تسمح بالنقل البحري (الشحن والتأمين وغيرها) للنفط الروسي، إذا تجاوز الحد الأقصى البالغ 60 دولارًا، من أجل الحد من الإيرادات التي تجنيها موسكو من عمليات التسليم إلى الدول التي لا تفرض حظرًا مثل الصين أو الهند.

وسيعزز هذا الإجراء فاعلية الحظر الأوروبي الذي يأتي بعد أشهر من الحظر الذي قررته من قبل الولايات المتحدة وكندا.

واعتبارًا من الإثنين، يدخل الحظر الذي فرضه الاتحاد الأوروبي على شراء النفط الروسي من طريق البحر حيز التنفيذ ما يخفض ثلثي مشترياته من الخام الروسي. ويقول الأوروبيون إنه مع قرار ألمانيا وبولندا بمفردهما وقف الشحنات عبر الأنابيب بحلول نهاية العام، ستتأثر الواردات الروسية بنسبة أكثر من 90%.

"تساؤلات"

وتعد روسيا ثاني أكبر مصدر للنفط الخام في العالم؛ وبدون تحديد هذا السقف سيكون من السهل جدًا وصولها إلى مشترين جدد بأسعار السوق.

حاليًا، تقدم دول مجموعة السبع خدمات التأمين لـ90% من الشحنات العالمية، والاتحاد الأوروبي هو فاعل رئيسي في الشحن البحري، مما يؤمن قوة ردع ذات صدقية لكنه يؤدي أيضًا إلى خطر خسارة أسواق لصالح منافسين جدد.

وسبق أن وجهت بولندا انتقادات حادة بشأن فاعلية تحديد سقف، مطالبةً بسعر أقل بكثير، حيث اقترحت تحديد سعر البرميل بـ 30 دولارًا وفق ما ذكرت مصادر.

وحاليًا، يبلغ سعر النفط الروسي (الخام من الأورال) حاليًا حوالي 65 دولارًا للبرميل، لذلك سيكون تاثير الإجراء الأوروبي محدودًا على الأمد القصير.

وتنص الوثيقة التي اقترحتها المفوضية الأوروبية على إضافة هامش محدد بـ 5% أقل من سعر السوق في حال انخفض سعر النفط الروسي إلى ما دون عتبة 60 دولارًا.

وينبغي أن يبقى السعر أعلى من تكاليف الإنتاج لتشجيع روسيا على مواصلة تسليم الشحنات وعدم وقف الإنتاج.

إلى ذلك، يخشى بعض الخبراء زعزعة استقرار سوق النفط العالمية ويتساءلون عن رد فعل دول منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) التي تجتمع الأحد في فيينا، فيما كانت روسيا قد حذرت من عدم تسليم النفط إلى الدول التي تحدد سقف سعر لنفطها.

في المقابل، أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين أن "هذا السقف سيساهم في استقرار أسواق الطاقة العالمية (...) وسيفيد بشكل مباشر الاقتصادات الناشئة والدول النامية"، إذ يمكن بيعها النفط الروسي بأسعار أقل من السقف المحدد، وتابعت أن الآلية يمكن "تعديلها بمرور الوقت" بناء على ردود فعل السوق.

بدوره، اعتبر فوك فين نغوين أن الأداة المقترحة تثير الكثير من التساؤلات، مشيرًا إلى أن تحديد "سقف لأسعار النفط لم نشهده من قبل. نحن في المجهول"، مشدداً على أن رد فعل الدول المنتجة لمنظمة "أوبك" والمشترين الكبار مثل الهند والصين سيكون أساسيًا.

"حلول سياسية"

وتعتبر الباحثة السياسية، إيلينا سوبونينا، أن روسيا وعدت بوقف صادراتها للدول التي تتبنى القرار الجديد، لذلك ستقدم على مراجعة عقود كثيرة اعتمادًا على سياسة هذه الدول.

وترى سوبونينا في حديث إلى "العربي" من موسكو، أن هذا القرار من شأنه أن يرفع من أسعار الغاز، ما يعني أن روسيا ستستفيد من هذا الارتفاع حتى مع تخفيض نسبة صادرتها النفطية.

وتعرب الباحثة السياسية عن مخاوفها من استمرار العقوبات على روسيا قائلة إن ميزانيتها قادرة على المواجهة لمدة لا تتجاوز السنة بحسب الدراسات، لكنها تساءلت عن قدرة الغرب على إطالة هذه الأزمة وسط موجة تضخم عالية تعاني منها أوروبا، مؤكدة أنه على الطرفين البحث عن حلول سياسية.

موسكو في مأزق

أما الباحث السياسي، ماجد كيالي، فيرى أن الدول الأخرى التي تبدو بعيدة عن الصراع المباشر بين الغرب وروسيا ستتأثر بهذا القرار وستجد نفسها مضطرة للتعامل بها والتجاوب معه لأنه ناقلات النفط ووالغاز المسيل عبر البحر تخضع للدول الغربية، وهو ما سيعقد إمدادات الطاقة على الصعيد العالمي.

ويضيف في حديث إلى "العربي" من برلين، أن القرار سيضع موسكو تحديدًا في مأزق لأن الغرب وجد مصادر أخرى للتعويض عن واردات النفط الروسي.

ويشير إلى أنه رغم أن روسيا تعد من أغنى الدول لناحية ثرواتها المعدنية، إلا أن قوتها الاقتصادية لا تزيد عن قوة اقتصاد إيطاليا وكوريا الجنوبية، معتبرًا أن الاقتصاد الغربي مستعد لتحمّل هذه الأزمة.

المصادر:
العربي- أ ف ب

شارك القصة

تابع القراءة
Close